هو زيد المنحدر من اقاليم جبلية ، بدات حكايته الدراسية مبكرا وذلك عندما بلغ ثلاث سنوات ، حيث كان يتعلم القران في احدى
المساجد العتيقة المتواجدة بالقبيلة التي يتنمي إليها هذا الطفل الصغير الذي بدأ
يشق طريقه نحو العلم والمعرفة .
قضى أزيد من أربع سنوات وهو يتعلم القران ،
حفظ ما تيسر من الذكر الحيكم ، إلا أن الأقدار حتمت عليه مغارة المسجد الذي كان
يدرس فيه القران والتحق بالمدرسة سنة 1997 .
بدأت مسيرته مع المدرسة في احدى البيوت
الضيقة التابعة للمسجد المتواجد في أوناين بحكم عدم وجود المدرسة في القبيلة ، قضى
السنة الأولى ابتدائي في ذلك البيت الصغير وهو مع كتبه يشق طريقه للنجاح ، وأمام
انعدام الطاولات ، كانت هناك سوى حسيرة صغيرة يجلس عليها جل التلاميذ ، ولكن رغم
رداءة المكان ورغم قصاوة التعليم في فصل الشتاء ورغم الماسافات التي كان بقطعها هذا
الطفل ليصل الى المدرسة ، فإنه تحدى تلك الصعوبات واستطاع الحصول على نقطة جد حسنة
في السنة الأولى ابتدائي .
وفي السنة الثانية من التعليم ابتدائي هي سنة
مغايرة عن السنة الأولى كما يحكي ذلك الطفل الصغير ، فهذه المرة تضاعفت معها
المعانات بعدما انتقل من ذلك البيت الصغير الذي قضى فيه السنة الأولى من التعليم
الابتدائي الى المدرسة التي بنيت في أعلى قمة الجبل حيث تضاعفت المسافة وأصبح هذا
الطفل الصغير يقطع أزيد من عشرة كيلومترات يوميا للوصول الى المدرسة خصوصا اذا
احتسبنا مسافة الذهاب والاياب .
بالاضافة الى ذلك فقد واجه هذا الفتى الصغير
العديد من العراقيل والصعوبات الجامة في مشواره الدراسي وتتجلى في ضعف البنيات
التحتية اضافة الى هشاشة الطرق وانعدام وسائل النقل وحتى المظلة التي تحميك من
قطرات المطر غير موجودة في ذلك الوقت أو ان صح القول صعب جدا التمسك بزمام المظلة
بحكم الرياح القوية التي تأتي مع الشتاء كل يوم بحكم المرتفعات الجبلية التي يقطن
فيها هذا الطفل .
وبعدما يصل الطفل الى القسم وملابسه كلها
مبللة وهو يرتعش بكثرة البرد القارس . جلس الطفل في احدى الطاولات المنكسرة من كل
الجوانب وقطرات من الماء لم تفارقه حتى داخل القسم بسبب رداءة ذلك القسم الذي كان
يدرس فيه ، فهو يفتقد لأبسط طرق التعلم.
زجاج
منكسرة سقف القسم كله مبلل بالماء ، اما باب القسم فهي مثل الجرس فكل مرة تسمع صوتها
بسبب الرياح القوية .
معانات لن تفارق هذا الطفل الطموح فكان دائما
يطرح سؤال على نفسه { فكيف يا أبي أن تعاتبني أن نتابع دراستي وأنا أدرس في غابة
مليئة بالمعانات ، لا أقسام في المستوى ولا مراحيض ولا طرق ولا منازل ، فإذا شاءت
الأقدام ووضعت حدا لدراستي فاعذرني فالخشب بكثرة الضغط ينكسر فما بالك الانسان
وخصوصا أنا لا زلت طفل صغير }.
فالأب دائما كان يلح عليه لمتابعة دراسته حتى
يستطيع هذا الطفل ان ينفع بلده وأمته في المستقبل ، وبكثرة الضغوطات أصبح الطفل
بين مطرقة المعانات الدراسية وسندال الأب الذي يحذره كل مرة بالتشبت بدراسته .
عمل الطفل على اكمال دراسته التعليمية وفي كل
مرة يدعو الله أن يفرج عليه ويفتح له ابواب عسى أن تتيسر له الأمور وتتغير له
الأيام .
قضى السنة الثانية من التعليم الابتدائي في
المدرسة المذكورة أعلاه وهي سنة من أسوأ مواسيم الدراسية بالنسبة له ، قضاها كلها
معانات ولكن رغم ذلك دائما كان محطة تنويه من أساتذته وكان طفل مجتهذ يضرب به
المثل في القسم ، وكان يحصل على نقط جد مشرفة .
ومع اقتراب عطلة فصل الصيف ينصرف الطفل فرحا
ويقول بصوت لافت حان وقت للراحة حان وقت للعب مع أصدقائي ، ولكن للأسف فحال
البادية لا يعرف للراحة معنى ولا لحقوق الطفل معنى ، فالكل سواسي مثل الغنم والمعز
، فالطفل ينتظره عمل اخر ولكن هذه المرة
سيجرد من مهنته كتلميذ الى مهنة راعي الغنم والمعز حيث ينتظره أزيد من 35 رأسا من
المعز والغنم . يقضي فترة عطلته الصيفية وهو يتغنى على أوتار الأحزان ودومعه
تتساقط لم تجد من يشفي غليلها ويتساءل مع نفسه ما العمل يا ربي وأنا في هذا السن
الصغير وهم يعاملوني بهذا الأسلوب الأكثر من طاقتي فإلى أين المفر ؟
وفي السنة الثالثة والرابعة والخامسة من
التعليم الابتدائي أحس الطفل أن الأمور ستتغير وسيتم تعبيد الطريق وادخال
المواصلات ، ولكن جرت الرياح بما لا يتوقعه الطفل فالمعانات تكررت وكأنه يتفرج في
مسلسل يتم عرضه كل مرة .
وفي فصل الصيف من نفس السنة تغيرت مهنته هذه
المرة من راعي الغنم الى فلاح حيث كان يشتغل رفقة اخوته الصغار في جنثي الثمار
وحصد الفلاحة وسقي الماء للشرب فوق البهائم وغيرها من الأشغال التي كانت تسند لهذا
الطفل الطموح .
وبعد
الانتهاء من عطلة فصل الصيف سيتلقى هذا الشاب الصغير خبر مفرح من أبيه عندما أخبره
بالتحول الى مذينة تطوان لمتابعة الدراسة .
فرح الطفل بهذا الخبر الذي طال انتظاره وبدأ
يرقص مع نفسه ويقول الحمد لله لقد فرج عني ربي لقد فرج عني ربي .
تنقل الى مذينة تطوان سنة 2003 والتحق بمدرسة
عبدالكريم الخطابي لاكمال دراسته ، فكانت البداية كلها فرح وسعادة بالنسبة له بحكم
الضروف الجيدة التي وجدها في المدرسة وأيضا بقرب المسافة بين المنزل والمدرسة .
وفي سنة 2004 تحصل على شهادة الابتدائية
بميزة مستحسن وعلى اثرها انتقل الى اعدادية أبي بكر الرازي وهذه المحطة عرفت عدت
تغيرات في حياته وفي مشواره الدراسي .
بدأت دراسته في السنة الأولى اعدادي بشكل
عادي كانت بالنسبة له مجرد نافدة للتعرف على الأصدقاء الجدد ، حيث كان تلميذا
خجولا ومنعزلا عن باقي التلاميذ ، وكان يحس وكأنه يعيش في منفى أو في مذينة أو
دولة لا يعرف لغة أهلها .
وفي السنة الثانية التحق بنفس المدرسة وهي
سنة مغايرة بالنسبة له ، حيث تعرف على العديد من الاصدقاء وأصبح يحس بالراحة وكان
من بين الأصدقاء المفضلين عنده كما يقول هو المدعى عليه محمد سعيد الذي كانت تربطه
معه علاقة اخوية كبيرة وكانوا دائما جنبا الى جنب داخل القسم .
وذات يوم وهو واقف في ساحة المدرسة ينتظر رنة
الجرس للدخول الى حجرات القسم ، فإذا به يرى فتاة جميلة ترتدي صاية طويلة وحجاب
أسود كانت رائعة الجمال كما يقول هذا الشاب ، وكانت فتاة الأحلام بالنسبة له ،
فأحس بالخجل لأن نظرات تلك الفتاة كانت منصوبة اليه ، فابتسمت له الفتاة من بعيد وبدأ
قلبه يرتعش بكثرة الخوف أو الحب الله أعلم .
أظن انه الحب الجارف انه الحب من أول نظرة
ومن أول لحظة ، فبدأ الشاب يفكر مع نفسه ما العمل ، فقرر أن يقترب منها ويحدثها
بأنه أعجيته .
بدأ الشاب يقترب منها وهو متبختر في مشيته
بكثرة الخوف والخجل ، وعند الاقتراب منها ابتسم في وجهها وكان اللقاء الأول مجرد
كلمات تعريفية عن حياتها وعن مستواهما الدراسي .
وفي اليوم الثاني أراد أن يطلب منها رقم الهاتف
، فاعندما اقترب من الفتاة التي تدعي اسمها حكمت ربما كان يعتقد أنها سترفض الأمر
، ولكن عندما طلب منها ذلك استجابت له وأعطت له رقم هاتفها .
تطورت العلاقة بينهما ، كانوا يضحكون ويمرحون ويتبادلون النكات عبر
الهاتف، عبر الفيس بوك ، عبر الزمان العابر المليء بالشوق، بالحب الزائف، باﻷكاذيب
وبالغيرة أحيانا . كانت الأيام معها كما يقول عبارة عن مد وجزر، حتى وقع في
غرامها.
قضى
معها أزيد من أربع سنوات كانت فيها لحظات لا تنسى ولحظات متشنجة ، مرة يتركها ومرة
تتركه، ومرة يشتمتها ومرة تشتمه في الخفاء.
تطورت
العلاقة بينها حتى اصبح يزورها في منزلها تقريبا مرة أو مرتين في الاسبوع ، تعرف
عن عن عائلتها الصغيرة ووعدهم بالزواج بها ، وبدأت الفتاة تعيش في الأوهام ولا
تعرف ماذا يدور في مخيلة الرجل الذي ينطق بكلمات تجعل الفتاة تنحني امامه وهي
غارقة في حبه له .
كانت
الفتاة تحبه لدرجة كبيرة مما جعلت العلاقة تتطور بينهما حتى أصبحت تذهب معه في كل
مكان ، فمن شدة حبها له وكان دائما يوعدها بالزواج .
أكل
دماغها حتى أصبح يتحكم فيها مثل جهاز التحكم ، كان دائما يأخذ هاتفه ويتصل بها
لتؤنسه وتقضي معه ايام رومانسية مرة في الطبيعة ومرة في منزلها ومرة بجنب البحار ،
ولكن الغريب في هذه العلاقة هو الجب من جانب واحد وهو من طرف الفتاة ، حيث قرر ذلك
الشاب ان يتخلى عنها سنة 2011 ولكن الفتاة كانت مصرة ان تبقي على علاقة التي
تجمعها به ، بحكم انها كانت تحبه لدرجة كبيرة لا يمكن ان تتخلى عنه ، لكن الشاب
الذي كان يعيشها في الاوهام والاكاذيب الزائفة والحب والكلمات التي تنطق من رأس
للسان وليس من القلب .
الفتاة
لم تتقبل طريقة الانفصال عليها وكانت تقول مع نفسها " ربما مجرد مزحة لانها كانت تعتقد انه كان يحبها لدرجة كبيرة ولكن
الحقية عكس ذلك ".
فالشاب
بقي مصر في قراره على ان يتخلى عنها لاسباب لم تعرفها ذلك الفتاة المنكوبة .
فبعدما
رأته مصرا على أن يتخلي عليها قررت ان تطلب منه اخر طلب ، فيا ترى مذا يدور في مخيلتها
.
فطلبت
منه ان يصعد الى سطح منزله لكي يشاهدها وهي تنتحر ، ذهب الشاب عند اخير الصغير
وحكى له الامر ، فنصحه ان لا يصعد الى السطح حتى لا يكون مساهما في وضع حد لحياة
الفتاة .
لذلك
قرر الشاب اخذ بنصيحة اخيه وان لا يصعد الى السطح المنزل فكان ذلك القرار شجاعا من
الفتاة وهي تتراجع عن مصيبة كبرى كانت سترتكبها في حياتها .
اذن
هكذا انتهت القصة الاولى مع هذه التاة البريئة التي ذهبت ضحية هذا الشاب التي عرف
كيف يقوم بغسل دماغها بالاكاذيب الزائفة ، والذي يؤمن بمقولة " في الحب قلبي
قبيح منجيش وانطيح صعيب يديني الريح انا ماشس ساهل ".
وعندما
تخلى على تلك الفتاة سنة 2011 ، التي كانت كما يقول السبب الرئيسي وراء تكاسله في
الدراسة مما جعله ينقطع عن الدراسة سنة 2009 والتحاقه بسلك التكوين المهني للتعلم
صناعة معينة .
حيث
حصل على دبلوم تقني سنة 2011 ، وعلى اثره بدأ يطرق باب الشركات والمعامل والمحلات
التجارية الكبرى عسى أن يجد عمل يخرجه من دوامة البطالة التي طال يعيشها ، وهو يرى
نفسه يكبر في السن يوما بعد يوم وطموحه تكبر يوم بعد يوم ، أراد أن يخرج من هذا
المأزق لكن للاسف فكل باب يطرقه والا يسد في وجهه ، فأصبح بين مطرقة المشاكل
العائلية التي تطارده وسندال العمل الذي تاخرعليه . لذلك قرر الأب أن يفتح له محل
تجاري لبيع المواد الغذائية وذلك في مذينة مارتيل ، حيث فتح هناك محل تجاري وهو
شريك مع صاحب المحل بالثلث حسب ما اتفقى على ذلك في الورق .
قضى
معه ازيد من سنة ونصف كانت بالنسبة اجمل وازهى ايام في حياته ، حصل فيها على اموال
كبيرة فكانت ارباح بالجملة تتهاطل عليه مما جعل مشروعه التجاري ينجح ، وهناك ربط
علاقة جديدة مع فتاة تدعي رشيدة تقطن في مذينة المضيق هي فتاة شكليا مقبولة شيئا
ما ربما تعرف عليها ليعيش معها اوقات معينة ويرسلها الى مزبلة التاريخ كما فعل مع
الفتاة الأولة .
قضت
معه أزيد من سنة ونصف وهي تعيش في الأوهام واكاذبه وهمه الوحيد هو أن يشفي غلاله
ويلبي شهواته ، وفي الأخير يكون شعاره الضروف المادية والمعانات الاجتماعية لا
تسمحلي بالاستمرار معك يا أختي هههههه.... ، ولذلك كان مصير هذه الفتاة هو الانفصال
عليها .
بمجرد
الانفصال عليها بأشهر قليلة سيتلقى نبأ وفاة صاحب المحل التجاري الذي يزاول فيه
مهنته ، مما جعل الورثة او ابنائه يطالبون هذا الشاب بافراغ المحل في اقرب وقت
وكان ذلك 24 ابريل 2012 .
وبعد
ذلك عاد الى منزله في مذينة تطوان وفي ادهانه العديد من الاسئلة بعدما اصبح في
عطالة تامة ، حيث فكر كثيرا وقال الحل الوحيد هو اعادة طرق ابواب الشركات والمعامل
والمحلات التجارية الكبرى عسى ان تكون هذه المرة فأل خير عليه ، ولكن تجري الرياح
بما لا يشتهيه هذا الشاب الطموج فذلك الشواهد وذلك الدبلومات التي حصل عليها تصلح
لاي شيء سوى العمل بها .
وفي
يوم من الايام وهو جالس في منزله في تطوان فإذا بهاته يرن ، فكان المتصل سوى أبيه
، أخذ الهاتف وبدأ يتحدث معه فأخبره بان " هناك محل تجاري متواجد في مارتيل
وبالضبط في أحريق وفي موقع استراتيجي يمكنك ان تعمل فيه " ، فكان ذلك الخبر
فأل خير عليه رغم انه غير مرتاح من هذه المذينة التي فشل فيها مشروعه الاول .
بدأت
حكايته مع مشروعه الثاني أملا أن ينجح هذه المرة فكانت البداية جد متوسطة من حيث
تحقيق نسبة الأرباح فكانت السنة الأولى هي سنة شهر المحل وجلب الزبناء ، وفي هذا المكان
تعرف على فتاة أخرى تدعي إلهام التي تقطن في نفس الحي الذي يتواجد فيه محله
التجاري ، هي فتاة جميلة شكلها جذاب وذو مواصفات يتمناها أي رجل ، أحبها بدون
مقابل فوعدها بالزواج وهي فتاة كانت تدرس في السنة الأولى من السلك البكالوريا كان
يقضين معظم الأوقات مرة في جنب البحار مرة في الطبيعة ومرة يسافر خارج المذينة ،
فكانت تلك الفتاة كما يقول هي فتاة العمر بالنسبة له ، أعطاها كل ما يملك من حب
ووفاء واخلاص ونفس الشيء بالنسبة لها أحبته بدون مقابل وكانت دائما تزوره في محله التجاري المتواجد
في أحريق .
قضى معها أزيد من أربع سنوات كانت كلها تجانس
وتفاهم ، كانت تحبه لدرجة لا يمكن ان تتخلى عنه ، وايضا نفس الشيء بالنسبة له .
ومع مرور الوقت بدأت تكبر في
السن ، مما جعلها كل يوم تضغط عليه لكي يخطبها من والديها ، الا ان الشاب ونظرا
لضروفه ومشاكله العائلية لا تسمح له بذلك فكان دائما يقول لها اعذرني لو كان الامر
سهل لهذه الدرجة لتزوجتك منذ مدة .
الفتاة رأت نفسها معلقة وامالها بدأ
يتبخر وهي ترى ان الرجال عملة نادرة في هذا الزمان فقررت أن تنفصل على هذا الشاب
الذي من الصعب عليها ان تنساه وتزوجت بشخص اخر لا تحبه فكيف يا ترى ستمضي عمرها
هذه الفتاة في حياتها الزوجية مع ذلك
الرجل الذي لا تحبه .
الى هنا تنتهي القصة واذا كان
هناك أي تشابه في الأسماء والأماكن فهو من محض الصدفة .
اعداد : أحمد أحمد
0 التعليقات :
إرسال تعليق